مريم أبليل لليقين: مرور أكثر من 14 سنة او 15 سنة دون القانون التنظيمي للدفع بعدم دستورية القوانين يمثل أبرز تعثرات تنزيل دستور 2011

اليقين/ نجوى القاسمي
تعليق مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين يشكل تراجعا مقلقا في مسار بناء دولة الحق والقانون. فهذا المشروع، الذي كان يهدف إلى تمكين المواطنين من الاعتراض على القوانين التي تمس حقوقهم وحرياتهم الأساسية، كان يمثل خطوة أساسية نحو تعزيز سمو الدستور وترسيخ حماية حقوق الإنسان.
ورغم الأهمية الكبيرة التي كان يكتسيها هذا المشروع في ضمان حقوق الأفراد، فإن قرار تعليقه أثار تساؤلات واسعة حول الإرادة السياسية الحقيقية وراء هذا التوقف المفاجئ، ومدى الجدية في المضي قدما في هذا الورش الإصلاحي.
أكدت مريم أبليل، باحثة في القانون الدستوري والعلوم السياسية، في تصريح خصت به موقع اليقين أن الدفع بعدم دستورية القوانين يعد مقتضى دستوري مهم جاء مع دستور 2011، موضحة أن المغرب قبل هذا التاريخ كان يعتمد فقط على الرقابة القبلية على القوانين.
في هذا الإطار، يختص القضاء الدستوري بمراقبة بعض النصوص القانونية والتأكد من انسجامها مع الدستور، خاصة القوانين التنظيمية والأنظمة الداخلية لمجلس النواب، في حين تخضع القوانين الأخرى للإحالة إلى المحكمة الدستورية من قبل أطراف محددة، مثل رئيس الحكومة رئيسي مجلسي البرلمان أو نسبة من أعضاء البرلمان.
وأشارت الباحثة إلى أنه مع دستور 2011 أصبح بالإمكان ممارسة الرقابة البعدية على القوانين، وهو ما يعني أن أي شخص يطبق عليه قانون معين، مثل قانون المسطرة الجنائية، له الحق في الدفع بعدم دستورية هذا القانون أمام المحكمة الدستورية، لتبت في مدى دستوريته.
وأضافت أن هذا النموذج مستمد من التجربة الفرنسية، التي تعتمد ما يسمى المسألة الدستورية ذات الأولوية، والتي تعرف أيضا بالرقابة البعدية على القوانين.
وأوضحت أبليل أن هذا الحق، على الرغم من كونه منصوصا عليه في الدستور، يحتاج إلى تنظيم بموجب قانون تنظيمي، مؤكدة أن مشروع هذا القانون التنظيمي قد تم عرضه لأول مرة على البرلمان في عهد حكومة بنكيران، إلا أنه لم يخرج إلى حيز التطبيق، رغم أن الدستور يُلزم أن يتم إقرار جميع القوانين التنظيمية قبل نهاية الولاية التشريعية الأولى.
وأكدت الباحثة أن مسألة القانون التنظيمي واجهت صعوبات متعددة، بما في ذلك الخلاف حول آلية التصفية، حيث كان المقترح الأول ينص على تصفية القانون قبل عرضه على المحكمة الدستورية، إلا أن المحكمة اعتبرت أن ذلك يُشكل اختلالا دستوريا. وفي المحاولة الثانية، عاد المشروع ضمن المسطرة التشريعية، لكنه ما زال عالقا حتى الآن، وهو ما يعكس تأخرا مؤسفا في إخراج قانون ضروري لتفعيل حق دستوري أساسي.
وأبرزت مريم أبليل أن هذا التأخير يمنع تطبيق حق الدفع بعدم دستورية القوانين على أرض الواقع، ويؤخر خطوات مهمة في ترسيخ حقوق الإنسان وتعزيز دولة الحق والقانون. وأضافت أن مرور أكثر من خمسة عشر عاما على دستور 2011 دون إقرار هذا القانون التنظيمي يُعد إخفاقا تشريعيا كبيرا، رغم التوقعات المتكررة بفتح النقاش البرلماني حوله.
وأشارت الباحثة إلى أن إصدار هذا القانون التنظيمي يعد أساسيا لضمان حق الأفراد في الدفاع عن دستورية القوانين المطبقة عليهم، وتحقيق الانسجام بين التشريع الوطني والدستور، مؤكدة أن أي تأخير إضافي يضر بثقة المواطنين في المؤسسات التشريعية ويعيق مسار الإصلاحات الدستورية في المملكة.
We Love Cricket