آخر الأخبارمجتمع

محمد حبيب لليقين: ضعف الثقافة العلمية يغذي انتشار العلاج الروحي الرقمي

اليقين/ نجوى القاسمي

في زمن صار فيه الإنترنت ملاذا للباحثين عن الحلول السريعة، تتنامى ظاهرة “العلاج الروحي الرقمي”، حيث يجتمع الخطاب الروحاني مع المؤثرين الجدد في سوق افتراضي يستهدف هشاشة الإنسان وقلقه الدائم من المجهول. ومع تفاقم الضغوط النفسية والاجتماعية، يجد كثيرون أنفسهم أمام محتوى َعد بالراحة الداخلية وشفاء الجسد والروح بكبسة زر، لكن خلف هذه المسكنات الافتراضية تُطرح أسئلة ملحّة حول أسباب الإقبال الكبير عليها.

في هذا السياق، يكشف الأستاذ محمد حبيب، أخصائي اجتماعي وباحث في علم النفس، في تصريح لـاليقين، أن الدوافع النفسية والاجتماعية وراء تصديق هذا النوع من العلاج ترتبط أساسًا بـالحاجة إلى الطمأنينة والهروب من الألم، سواء كان نفسيًا أو جسديا. فعندما يشعر الإنسان بالعجز أو القلق، يبحث غالبا عن تفسير يخفف معاناته، فيميل إلى الإيمان بخطاب روحي يقدم أجوبة جاهزة، معتمدًا على التأثير الإيحائي واستغلال ضعف الثقافة العلمية لدى البعض.

ويضيف المتحدث أن الشعور بالخوف والضعف أمام المجهول يجعل الكثيرين يتجنبون مواجهة جذور مشكلاتهم الحقيقية، مفضلين تفسيرا غيبيا أو “طاقيا” بدل تقبل الحاجة إلى علاج علمي متخصص.

كما أن انتشار الأمية العلمية وضعف التربية النفسية والإعلامية يجعل المجتمع أكثر عرضة لتصديق ادعاءات العلاج الروحي الرقمي، ناهيك عن ارتفاع تكلفة الخدمات النفسية التي تدفع البعض للبحث عن بديل أسهل وأرخص، ولو كان مبنيًا على الوهم.

أما فيما يتعلق بالفئات الأكثر استهدافًا، فيشير الأستاذ حبيب إلى أن الشباب بين 18 و30 سنة هم الأكثر قابلية للانخداع بهذا المحتوى، بحكم حضورهم المكثف على المنصات الرقمية، وسعيهم لحلول سريعة لمشكلاتهم العاطفية والنفسية، بالإضافة إلى تأثرهم بالمؤثرين أكثر من المختصين.

كما تعد النساء اللواتي يعشن ضغوطا نفسية أو اجتماعية من الفئات المعرضة للاستغلال، إذ يجدن في هذا المحتوى دعمًا عاطفيا وأملا في التغيير. ولا يقل الوضع خطورة لدى ذوي الدخل المحدود ومستوى التعليم الضعيف، الذين يعتبرون هذه الخدمات بديلا بسيطا ومجانيا، منسجما مع مرجعيتهم الدينية والاجتماعية.

ويؤكد الباحث أن العلاقة بين المعتقد الديني وتمييز العلاج العلمي عن الوهمي علاقة شديدة التعقيد؛ فالإيمان الديني ليس سببا للمشكلة بل غالبا ما يكون مصدر قوة نفسية حين يكون متوازنا.

غير أن الإشكال يظهر حين يتحول هذا الإيمان إلى تفسير شامل لكل الاضطرابات، مما يفقد الفرد التفكير النقدي ويجعله أكثر قابلية لتصديق ادعاءات “القدرات الروحية الخارقة

ويختم الأستاذ محمد حبيب بالقول إن الإيمان المتوازن وحده ما يسمح بالجمع بين العلاج العلمي والدعم الروحي، بحيث يمكن للرقية والدعاء أن يكونا مرافقين فقط لا بديلين عن الرعاية النفسية والطبية، لأن الهدف الأسمى هو صحة إنسانية متكاملة تحمي الإنسان من الانزلاق نحو الأوهام واستغلال حاجته للأمل.

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى