
أعلنت جبهة البوليساريو، عبر ممثلها لدى الأمم المتحدة سيدي محمد عمار، رفضها المشاركة في أي عملية سياسية أو مفاوضات تستند إلى مشروع القرار الأميركي المعروض حاليًا على مجلس الأمن بشأن الصحراء الغربية.
ووصف بيان الجبهة هذا المشروع بأنه يمثل “انحرافًا خطيرًا وغير مسبوق” عن مبادئ القانون الدولي، و”مساسًا بأسس العملية السياسية” التي ترعاها الأمم المتحدة منذ عقود، محذرًا من أن اعتماد القرار بصيغته الحالية سيعني عمليًا انسحاب البوليساريو من المسار السياسي الأممي.
ويأتي هذا الموقف عشية جلسة مجلس الأمن المخصصة لبحث تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية (المينورسو)، وسط أجواء من الجمود السياسي الذي يخيم على الملف منذ استقالة المبعوث الأممي الأسبق كريستوفر روس، وفشل الجهود اللاحقة في تحقيق اختراق ملموس.
ويرى مراقبون أن موقف البوليساريو يعكس حالة ارتباك داخلية أكثر مما يعكس رؤية استراتيجية واضحة، إذ تتأرجح الجبهة منذ سنوات بين التصعيد العسكري والرهان على الأمم المتحدة لإحياء العملية السياسية. فبعد إعلانها الحرب في نوفمبر 2020 كوسيلة ضغط، عادت لاحقًا لتؤكد استعدادها للحوار “الجاد وذي المصداقية”، ثم تعود اليوم إلى خطاب الانسحاب والقطيعة، في تكرار لدائرة المواقف المتناقضة ذاتها.
ويعتبر عدد من المتابعين أن مشروع القرار الأميركي لا يخرج عن الإطار التقليدي الذي اعتادت واشنطن طرحه، والمتمثل في تمديد ولاية المينورسو مع دعوة الأطراف إلى استئناف المفاوضات “دون شروط مسبقة”. غير أن رفض البوليساريو لهذا الإطار يوحي بأنها لم تعد تمتلك أوراق ضغط جديدة، بعد سنوات من المراهنة على التصعيد دون نتائج ملموسة.
وفي خضم هذا التجاذب، يظل المواطن الصحراوي البسيط في مخيمات تندوف هو الخاسر الأكبر، إذ يعيش منذ عقود على وقع انتظارٍ طويل لحل ينهي معاناته مع اللجوء والحرمان في صحراء قاسية لا نهاية لها.
وهكذا، يبدو أن القضية تعود مجددًا إلى المربع الأول، في دورة من الجمود السياسي الذي بات أشبه بـ”الإدمان على الركود” — وضع مريح للقيادات، لكنه بالغ القسوة على القواعد.
We Love Cricket




