بنسليمان على أبواب نقلة نوعية في الصناعة العسكرية المغربية بمصنع الطائرات المسيّرة الجديد

تشهد مدينة بنسليمان في هذه الفترة مرحلة حاسمة في مسار تطوير الصناعة الدفاعية بالمغرب، مع تسارع شركة بايكار تكنولوجيز التركية في إنجاز مشروعها الطموح لإنشاء مصنع متطور لإنتاج الطائرات المسيّرة، من المتوقع أن يصبح جاهزًا ويباشر عملياته خلال السنة المقبلة. ويأتي هذا المشروع كخطوة استراتيجية تعكس طموح المغرب في تعزيز قدراته العسكرية المحلية وتقليل الاعتماد على الاستيراد في مجال التكنولوجيا الدفاعية الحديثة.

ويعد المصنع الجديد أكثر من مجرد وحدة إنتاج، فهو يمثل قفزة نوعية في الصناعة الدفاعية المغربية، إذ سيوفر القدرة على تصميم وصيانة الطائرات المسيّرة من الجيل الجديد، مصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات التشغيلية للقوات المسلحة الملكية. وتعكس طبيعة المشروع حرص المغرب على مواكبة أحدث التطورات في تكنولوجيا الطائرات دون طيار، سواء من حيث الأداء أو المرونة في الاستخدام الميداني.

وفقًا لمصادر مطلعة، فإن الهدف لا يقتصر على إعادة إنتاج نماذج سابقة مثل «بيرقدار TB2»، بل يتجاوز ذلك إلى ابتكار منصات جديدة أكثر تطورًا من حيث المدى والقدرة على التخفي، إضافة إلى استخدام أنظمة ذكية متكاملة تتيح لها أداء مهام متعددة بكفاءة عالية. وستتمكن هذه الطائرات من القيام بعمليات استطلاع دقيقة، ودعم ميداني للقوات، وربما تنفيذ مهام دفاعية وهجومية محدودة ضمن الإطار العسكري الوطني.

ويؤكد الخبراء أن هذا المشروع يعكس رؤية المغرب الطموحة في تحديث قدراته الدفاعية، بما يواكب التطورات العالمية في مجال الطائرات المسيّرة، والتي أصبحت اليوم أحد أهم عناصر القوة العسكرية الحديثة في العالم. كما يتيح المصنع الجديد تطوير كفاءات وطنية متخصصة في تصميم وإنتاج الطائرات دون طيار، ما يسهم في بناء قاعدة صناعية دفاعية متينة ومستدامة.

من جهة أخرى، يحمل المشروع بعدًا اقتصاديًا واستراتيجيًا مهمًا، إذ من المتوقع أن يخلق فرص عمل محلية متخصصة، ويحفز نقل التكنولوجيا والخبرة الدولية إلى المغرب، فضلاً عن تعزيز مكانة المملكة على الخريطة الدفاعية الإقليمية والدولية. ويعكس اختيار شركة «بايكار تكنولوجيز» كشريك استراتيجي، الثقة في الإمكانات المغربية والقدرة على استثمار هذا المشروع بالشكل الأمثل.

ويأتي هذا التطور في وقت يشهد فيه المغرب تعزيز شراكاته العسكرية الدولية، سواء مع الولايات المتحدة أو فرنسا، ما يعكس نهج المملكة في تنويع مصادر التكنولوجيا العسكرية وتوسيع شبكة التحالفات الاستراتيجية. ومن شأن المصنع الجديد أن يكون ركيزة مهمة لتطوير القدرات العملياتية للقوات المسلحة الملكية، مع المحافظة على استقلالية أكبر في مجال التكنولوجيا الدفاعية.

وفي المجمل، يمثل مشروع مصنع الطائرات المسيّرة في بنسليمان نقلة نوعية شاملة على مستوى الصناعة العسكرية المغربية، من خلال الجمع بين التقنية الحديثة، الخبرة الدولية، وبناء القدرات الوطنية، ما يؤسس لمرحلة جديدة من التطوير المستدام للقطاع الدفاعي في المملكة، ويعزز مكانة المغرب كقوة صاعدة في مجال الأمن الإقليمي والقدرات العسكرية الحديثة.