
اليقين/ نجوى القاسمي
مع بداية كل فصل شتاء، تعود جراح زلزال الحوز لتنكأ ذاكرة سكان جماعة أزكور التابعة لدائرة أمزميز بإقليم الحوز. فالقرية التي كانت تضج بالحياة قبل الزلزال، أصبحت اليوم عنوانا للانتظار الطويل، حيث ما تزال عشرات الأسر تعيش بين الخيام والمنازل المتصدعة، وسط برد قارس وأمل يتآكل مع مرور الأيام.
منذ زلزال شتنبر 2023 الذي خلف خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، يعيش سكان دوار انرني حالة من الغضب والاحتقان. فالزلزال دمّر منازلهم، لكن الوعود بإعادة الإعمار بقيت حبيسة الأوراق. العديد من الأسر التي تضررت بشدة، تقدمت بكل الوثائق المطلوبة وخضعت منازلها للمعاينات التقنية، غير أن أسماءها لم تُدرج ضمن لوائح المستفيدين من الدعم.
يقول أحد السكان، بصوت يغلب عليه الأسى: منزلي انهار بالكامل، ورغم ذلك لم أستفد من أي دعم. قدمت طلبي منذ السنة الماضية، لكن لم يصلني أي جواب. نعيش اليوم بين جدران متصدعة مهددة بالسقوط، لا نستطيع البناء ولا نملك بدائل أخرى.
شهادات متطابقة من الأهالي لموقع اليقين تكشف اختلالات في عملية فرز الملفات، إذ يؤكد عدد منهم أن بعض الأسر التي لم تتعرض لأضرار حقيقية استفادت من التعويضات، بينما تم إقصاء أخرى فقدت كل شيء. يقول أحدهم: “اللجان التقنية زارتنا أكثر من مرة، وعدتنا بتعويض عاجل، لكن شيئا لم يحدث. لا نريد أكثر من حقنا في السكن والأمان
وكانت الحكومة قد أعلنت عقب الكارثة عن برنامج استعجالي لإعادة إعمار المناطق المتضررة بميزانية تقارب 14 مليار درهم، تشمل تعويضات مباشرة ومساعدات شهرية للأسر المتضررة. وقد تم صرف دفعة أولى بقيمة 140 ألف درهم للمساكن المنهارة كليا 80 ألف درهم لإعادة تأهيل المنازل المنهارة جزئيا.إلى جانب منحة شهرية قدرها 2,500 درهم لتغطية مصاريف الإيواء المؤقت.
لكن في جماعة أزكور، لم تصل هذه المساعدات إلى الجميع، وتوقفت لدى عدد كبير من الأسر منذ العام الماضي دون تبرير واضح.
اليوم، يعيش سكان أزكور وضعا إنسانيا صعبا. فالأمطار الغزيرة التي بدأت تتهاطل على المنطقة تكشف هشاشة الملاجئ المؤقتة، وتزيد من معاناة الأسر التي فقدت منازلها. البعض عاد إلى بيوت مهددة بالانهيار خوفا من البرد والجوع، وآخرون يعيشون بين منازل الأقارب أو في خيام متآكلة.
وفي هذا السياق، توصل موقع “اليقين” بفيديوهات حصرية من عين المكان توثق لمعاناة سكان أزكور تحت وطأة البرد القارس، حيث تظهر عائلات تحتمي بخيام مهترئة وسط طقس قارس وأمطار غزيرة، في مشاهد تعكس حجم المعاناة اليومية التي يعيشها المتضررون.
وسط هذه الأصوات، تتعالى المطالب بـفتح تحقيق في لوائح المستفيدين وتصحيح الأخطاء، ضمانا للإنصاف والمساواة بين جميع المتضررين. السكان يناشدون عامل إقليم الحوز ووزارة الداخلية التدخل العاجل لإنهاء معاناتهم، مؤكدين أن الزمن يمضي، لكن آثار الزلزال ما زالت حاضرة في كل بيت وحكاية.
هكذا تبدو أزكور اليوم: قرية معلقة بين الركام والأمل، بين الوعود الرسمية وصمت الواقع.
ومع كل شتاء جديد، يتجدد السؤال ذاته على ألسنة سكانها:
متى سيُبنى ما هدمه الزلزال؟ ومتى تنتهي إقامة مؤقتة تحولت إلى قدر دائم؟









