
اليقين/ نجوى القاسمي
في إطار مواكبة فريق موقع اليقين للأجواء المصاحبة لبطولة كأس الأمم الإفريقية وتسليط الضوء على الأبعاد الاقتصادية والثقافية المواكبة لهذا الحدث القاري، أعد فريق موقع اليقين روبورتاجا خاصا سينشر قريبا على الموقع حول واقع الصناعة التقليدية المغربية ودورها في إبراز الهوية الوطنية.
وخلال جولتنا في عدد من الورشات بالرباط ، رصدنا حالة من الاستياء العميق لدى مجموعة من الصنّاع التقليديين، الذين عبّروا عن فقدانهم الثقة في من يُفترض أن يمثّل مصالحهم، مؤكدين أن وضعهم المهني والاجتماعي لم يعد يحظى بالاهتمام المطلوب رغم أهمية دورهم في إشعاع التراث المغربي خلال مثل هذه المناسبات القارية.
قال الصانع التقليدي علي بعلول لموقع اليقين إن ترحيل دار الدباغ التي كانت قريبة من حي العكاري بالرباط، خلّف صعوبات كبيرة لدى الحرفيين، موضحاً أن قرار الترحيل تمّ دون الرجوع إلى الصنّاع لمعرفة تأثيره المباشر على أنشطتهم اليومية.
وأضاف بعلول أن الحصول على المواد الأولية، وعلى رأسها البطانة والجلود، أصبح اليوم مهمة شاقة أشبه بالسفر، إذ يضطر الصانع إلى قطع مسافات طويلة لاقتناء حاجياته، ثم يواجه بعد ذلك إشكالا آخر يتمثل في انعدام وسائل نقل مناسبة لجلب السلع.
ويؤكد قائلا: حين أسأل الدباغين عن إمكانية إرسال البضاعة، يكون الجواب دائما أنني بحاجة لدفع ما لا يقل عن 200 درهم لنقلها، وهو ما يرفع التكلفة بشكل كبير، والصانع هو من يتحمل هذه الزيادة بالكامل.
ويشير بعلول إلى أن الحكومة ، بعد أن أبعدت مواقع الإنتاج عن الصناع، لم توفر أي دعم لوجستي أو حلول تخفف العبء عليهم، سواء من حيث النقل أو الوصول إلى المواد الأساسية.
فحتى الدبّاغون الذين رحلوا إلى مناطق بعيدة باتوا يعانون بدورهم، إذ صار بعضهم يحتاج إلى حافلتين أو أكثر للوصول إلى عمله، أو يضطر للمبيت بعيدا عن أسرته.
وفي سياق آخر، يتساءل بعلول عن البطاقات الخاصة بالتخفيض في النقل العمومي، التي يقال إنها مخصصة للصناع التقليديين، مؤكدا أنه لم تقدم لهم أي معلومات حول كيفية الحصول عليها أو كيفية الاستفادة منها:
نسمع أنها موجودة، لكن أين هي؟
وأوضح المتحدث أن سبب حرمانه من الدعم يرجع، حسب ما قيل له، إلى كون ابنه يشتغل في مجال الحراسة، رغم أنه حاصل على شهادات تقنية في الشبكات المعلوماتية، مضيفا أن هذا التعليل غير منطقي ولا يعكس واقع الحرفيين الذين يعتمدون على موارد محدودة.
وحول مستقبل المهنة، عبر بعلول عن قلقه من غياب الخلف القادر على مواصلة هذه الحرفة العريقة، قائلا:
في الماضي كان الأب أو الأم يجلبان ابنهما إلى الورشة ليتعلّم الصنعة، وكان يحصل على نسبة تمكنه من الاستمرار. أما اليوم، فالطالب الجديد لا تكفيه النسبة التي نمنحها، خصوصا إذا كان يأتي من مناطق بعيدة ويصرف على النقل. لذلك تراجع إقبال الشباب على هذه الحرفة، وأصبحت مهددة بالاندثار




