
اليقين / نجوى القاسمي
استعاد محمد أوجار، وزير العدل الأسبق والقيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار، خلال مشاركته في الندوة الوطنية حول تحولات الحقل الحزبي المغربي، عددا من المحطات المفصلية التي عرفتها الحياة السياسية في المغرب خلال سبعينات القرن الماضي، مؤكدا أن فهم تلك المرحلة ضروري لكل قراءة موضوعية للمشهد الحزبي اليوم
وأوضح أوجار أن أجواء المسيرة الخضراء وما رافقها من اصطفاف وطني واسع دفعت الراحل الملك الحسن الثاني، رحمه الله، إلى التفكير في خلق آلية سياسية جديدة توازن القوة التي كانت تمثلها آنذاك الكتلة الديمقراطية، والتي كانت تتحكم بشكل واضح في الشارع والإعلام والجامعة.
ومن هنا، يضيف، جاء قرار تأسيس التجمع الوطني للأحرار بتشكيل تضم رجالات الدولة، وأطر الاقتصاد، وأعيان القبائل.
ولفت المتحدث إلى أن قادة تلك المرحلة، من مختلف التيارات، تميزوا بـرصانة سياسية سمحت بمرور تلك التحولات دون صدامات حادة، موردا أسماء سي محمد بوستة وعبد الرحيم بوعبيد وعلي يعتة وسعيد السعدي، الذين رغم خلافاتهم السياسية تعاملوا مع الوضع الجديد بقدر كبير من المسؤولية. وأكد أوجار أن المشكل لم يكن في نشأة التجمع في حد ذاته، بل في إرادة الدولة العميقة في خلق أحزاب أخرى لأغراض تتجاوز الظرفية السياسية المباشرة
وانتقل أوجار إلى مقارنة بين جيل القادة المؤسسين الذين كانوا علماء ورجال فكر ومشروع وبين ما سماه جيل الإدارة الذي جاء مع تأسيس التجمع الوطني للأحرار، موضحا أن قيادات التجمع الجديدة حينها كانت تضم أطر دولة ذات تكوين أكاديمي وتأثيرات واسعة وقدرات تنظيمية مختلفة عن النمط التقليدي للقيادات الحزبية المغربية.
وفي هذا السياق، وجه أوجار نداء للحاضرين والفاعلين السياسيين بعدم التعامل مع الأحزاب الحالية بـأحكام قيمة جاهزةمستحضرا رموزا برلمانية بارزة تركت بصمتها، مثل علي يعتة الذي كان يتفرد بإيقاف الجلسات البرلمانية، وسعد العلمي، ومولاي محمد الخليفة، وفتح الله العلوي الذي كان ظهوره التلفزيوني أشبه بمباراة كرة قدم حيث تمتلئ المقاهي.
وختم القيادي التجمعي مداخلته بالقول إن المغرب خرج خلال تلك الحقبة من مرحلة الاستثناء بفضل رؤية براغماتية تدريجية للدولة، التي كانت، رغم تحكمها الواسع في مسار الحياة السياسية، تسير نحو الانفتاح وإعادة ترتيب الحقل الحزبي.
وفي النهاية حاول اوجار تمرير رسالة بسيطة التي لا بد من قولها هي أنه لو لم تكن الدولة العميقة في تلك المرحلة راغبة في إنشاء أحزاب أخرى، لما كان لحزب التجمع الوطني للأحرار أن يرى النور بتلك الطريقة. لذلك، لا معنى اليوم لافتعال معارك سياسية أو ممارسة العنف الرمزي تجاه حزب وُلد في سياق كانت تتحكم فيه اعتبارات الدولة نفسها
We Love Cricket




