
اليقين/ نجوى القاسمي
رغم تأكيد عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، أن التوجيهات الملكية السامية شكّلت خارطة طريق واضحة لعمل الحكومة، فإن الخطاب السياسي الذي يروّج لتدبير الأزمات يصطدم، على أرض الواقع، بتناقضات صارخة بين القول والفعل، وبين المدن التي تحتضن اللقاءات الحزبية والمناطق التي لا تزال ترزح تحت وطأة الإهمال
.ففي كلمته خلال ملتقى “مسار الإنجازات” بمدينة طنجة، اختار أخنوش تعداد الأزمات التي واجهتها حكومته التضخم، الجفاف، الأزمة العالمية، وفاجعة زلزال الحوز، مؤكداً أن الحكومة “اتخذت قرارات شجاعة وصمدت أمام الإكراهات. غير أن هذا الحديث عن الصمود يثير تساؤلات عميقة حول طبيعة هذا التدبير، ومن استفاد فعليا من نتائجه.
تدبير أزمات… من المنصات لا من الميدان
بينما يجوب رئيس الحزب مدنا كبرى تعرف دينامية اقتصادية وتنموية واضحة، في إطار جولات تواصلية حزبية، تظل مناطق أخرى خارج عدسة الخطاب الرسمي.
مناطق لا تزال تعاني من آثار الفيضانات، وقرى لم تستعد عافيتها بعد من زلزال الحوز، وأحياء في فاس شهدت انهيارات مأساوية، في ظل أسئلة معلقة حول السلامة، والإيواء، والمسؤولية.
أي تدبير أزمات يُتحدث عنه، حين لا تزال طرق قروية مقطوعة، وأسر تعيش الهشاشة، وساكنة جبلية تواجه البرد والعزلة؟ وأي دولة اجتماعية يمكن بناؤها، إذا كانت التنمية لا تزال غير متوازنة، وتُدار بمنطق المركز والهامش
يراهن أخنوش على مناعة الاقتصاد ورفع حجم الاستثمارات باعتبارها مدخلا لتمويل البرامج الاجتماعية.
لكن الواقع يُظهر أن هذا الرهان لم ينعكس بالقدر الكافي على الفئات المتضررة من الكوارث الطبيعية، ولا على المناطق النائية التي لا تحضر إلا في الخطابات الموسمية.فالاقتصاد القوي، كما يقدم في الخطاب الحكومي، لا يقاس فقط بالأرقام والمؤشرات، بل بمدى قدرته على حماية المواطنين في لحظات الأزمات، وضمان كرامتهم حين تنهار البيوت، أو تُغلق الطرق، أو تغيب شروط السلامة.
إن تحويل تدبير الأزمات إلى عنوان لحملات تواصلية، دون مواجهة الاختلالات البنيوية في السياسات الترابية والاجتماعية، يفرغ الخطاب من محتواه، ويعمّق فجوة الثقة بين المواطن والمؤسسات.
فالأزمات لا تدار من المنصات، ولا تختزل في كلمات مطمئنة، بل تواجه بحضور فعلي في الميدان، وبقرارات تنصف المتضررين قبل الاحتفاء بالإنجازات.
وفي ظل توالي الكوارث وتكرار المشاهد نفسها كل سنة، يظل السؤال مفتوحا: هل نحن أمام تدبير حقيقي للأزمات، أم أمام خطاب سياسي يبحث عن تسويق الإنجاز
We Love Cricket




