أمين سامي لليقين: امتلاء الملاعب لا يكفي… القيمة في استثمار المؤهلات المحلية داخل الاقتصاد المحلي

اليقين/ نجوى القاسمي
في خضم الجدل المتواصل حول الإقبال الكبير على تذاكر مباريات كأس أمم إفريقيا، وما رافقه من حديث عن العائدات المالية المباشرة، يبرز نقاش أعمق حول ما إذا كان هذا الزخم الجماهيري ينعكس فعليا على الاقتصاد المحلي للمدن المستضيفة. فالتذكرة، في نظر خبراء الاقتصاد، ليست مجرد مورد مالي ظرفي، بل عنصر قادر على تشغيل سلسلة كاملة من التفاعلات الاقتصادية، شرط توفر الشروط التنظيمية والهيكلية الكفيلة بتحويل إنفاق المشجعين إلى قيمة مضافة محلية مستدامة
أكد الخبير الاستراتيجي الاقتصادي أمين سامي، في تصريح خص به موقع اليقين، أن الإقبال القوي على تذاكر مباريات كأس أمم إفريقيا لا يمكن اختزاله في كونه مجرد دخل تذاكر، بل يمثل في جوهره صدمة طلب حقيقية (Demand Shock) تعيد تشكيل الدورة الاقتصادية المحلية عبر عدة قنوات مترابطة.
وأوضح أن البيع السريع للتذاكر، خصوصا حين يتم خلال ساعات أو أيام قليلة، يولّد مؤشر ثقة فوري لدى الفاعلين المحليين من فنادق ومطاعم ونقل وتجارة القرب، ما يدفعهم إلى رفع المخزون، وتوسيع ساعات العمل، واعتماد تشغيل مؤقت، بناءً على توقعات طلب مرتفعة.
وأضاف أن نفاد تذاكر مباريات المنتخب المغربي في وقت قياسي، وبيع مئات الآلاف من التذاكر خلال الأيام الأولى مع حجوزات من عشرات الدول، يشكل إشارة اقتصادية واضحة، لأن التذكرة تقفل حضور المشجع في مكان وزمان محددين، وهو ما يرفع معدلات الإشغال في الإيواء والنقل والمطاعم، ويخلق قمم طلب متكررة طيلة فترة البطولة، وليس فقط في أيام المباريات.
وشدد سامي على أن الأثر الاقتصادي الحقيقي يتحدد بمدى بقاء الإنفاق داخل الاقتصاد المحلي، موضحا أن المضاعف المحلي يكون أعلى كلما كانت سلاسل التوريد محلية، في حين يؤدي اعتماد مفرط على منصات وسلاسل غير محلية إلى تسرب جزء مهم من العائدات، حتى في ظل امتلاء الملاعب.
كما اعتبر أن ربط التذاكر بأنظمة رقمية حديثة يحول الحدث الرياضي إلى منصة بيانات، تسمح بتتبع تدفقات الزوار والذروة وأنماط الإنفاق، وتمكن المدن من تحسين النقل والتنظيم والأمن، والانتقال من تدبير قائم على الحدس إلى تدبير مبني على المؤشرات.
وفي المقابل، نبه الخبير إلى جملة من التحديات التي قد تحد من تعظيم الاستفادة الاقتصادية، في مقدمتها شناقة التذاكرواقتصاد الظل، لما يخلقهما من تسرب مالي خارج القنوات الرسمية، وتوزيع غير عادل للمنفعة، وإحباط للطلب الحقيقي للأسر والسياح، إضافة إلى اختناقات العرض وضعف تنسيق الفاعلين الحضريين، ما قد يؤدي إلى ارتفاعات سعرية حادة وإقامات أقصر وإنفاق أقل خارج التذكرة.
وختم أمين سامي تصريحه بالتأكيد على أن التذكرة اليوم هي زر تشغيل لسلسلة قيمة حضرية كاملة، غير أن قيمتها القصوى لا تتحقق إلا عبر سياسات تنظيمية واضحة، وحزم محلية مدمجة، وقياس يومي للأثر الاقتصادي خلال البطولة، لا بعدها، مبرزًا أن الأرقام المرتفعة لعدد المشجعين الوافدين تظل أرقاما خاما ما لم تُترجم إلى قيمة مضافة حقيقية تبقى داخل المدن وبأثر متوازن على الاقتصاد المحلي.
We Love Cricket


