الأستاد القاضي عبد الله الكرجي يناقش دكتوراه في موضوع :الذكاء المالي والشجاعة الإجرائية في مواجهة تمويل الإرهاب والأموال غير النظيفة
وسط حضور ثلة من فقهاء القانون والحقوقيين والزملاء القضاة وأساتدة العلوم القانونية والطلبة الباحثين ،من بينهم ذ محمد أمين بنعبد الله عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية ،وذ عبد اللطيف الشنتوف رئيس نادي قضاة المغرب والسيد ادريس لشكر الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي ،احتضنت ملحقة الكلية “المغرب الكبير” التابعة لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال-الرباط صباح اليوم السبت 05 دجنبر 2020 مناقشة أطروحة الدكتوراه في الحقوق -تخصص العلوم القانونية تقدم بها الأستاد الباحث عبد الله الكرجي ودلك تحت عنوان”: “الذكاء المالي والشجاعة الاجرائية في مواجهة تمويل الإرهاب، والأموال غير النظيفة” .
وقد ثمت المناقشة تحت إشراف الأستاد حسن رحو، وأمام لجنة مكونة من أساتدة أجلاء وفقهاء في القانون.
-الأستاد محمد العلمي المشيشي رئيسا.
-الأستاد حسن رحو مشرفا وعضوا.
-الأستادة لطيفة المهداتي عضوا.
-الأستاد فتح الله المنوالي عضوا.
-الأستاد عبد الرحيم شميعة عضوا.
وعبرت لجنة المناقشة عن اشادتها وتنويهها بالأطروحة وبالموضوع الذي اعتبرته موضوعا أنياً وذا أهمية بالغة باعتبار الأطروحة تناولت أحد المواضيع الشائكة والمهمة التي تستأثر باهتمام الرأي العام في المغرب والعالم، وخاصة فيما يتعلق بالشجاعة الإجرائية في مواجهة تبييض الأموال ، والجهات التي تقف وراء دعم وتمويل الإرهاب ، والأموال غير النظيفة. وأثار الموضوع نقاشاً عميقا مستفيضاً امتد لساعات طوال بين أعضاء اللجنة، الذين قدموا مجموعة من الإضافات والملاحظات ينبغي على الباحث أخذها بعين الاعتبار.
وبعد تقديم أعضاء اللجنة كلماتهم قدم الباحث عبد الله الكرجي مجموعة من التوضيحات حول بعض الملاحظات التي قدمتها اللجنة، وجدد شكره لأعضائها ولأسرته الصغيرة والكبيرة وخاصة لمن حملته وهن على وهن وفصلته في عامين “الأم” أطال الله في عمرها، ولكافة الحاضرين، قبل أن تنسحب اللجنة للمداولة، وهي اللجنة التي ترأسها الدكتور سيدي محمد العلمي المشيشي وزير العدل المغربي السابق ، وانتهت بقبول الأطروحة ومنح الباحث درجة الدكتوراه بميزة مشرف جداً.
ويكتسي الموضوع الذي ناقشه الدكتور عبد الله الكرجي أطروحة جامعية أهمية نظرية وعملية: إذ أن الذكاء المالي والشجاعة الإجرائية في محاربة تمويل الإرهاب وغسل الأموال القذرة يعد أس الرؤية الدولية وتنزيلاتها في التشريعات وخطط العمل الوطنية.
فلا يخفى تزايد حجم الجريمة عبر الوطنية مع تنامي تكنولوجيا الإعلام والاتصال في البيئة الرقمية، وانتشار التجارة الإلكترونية مع عولمة التجارة . وما واكب ذلك من التساؤل حول مستقبل المفاهيم التقليدية للسيادة، ومفهوم الدولة/الأمة État/nation.
إن لهث القانون وراء تهافت العلم والتكنولوجيا بتعبير الأستاذ العلمي مشيشي المهيمن مع اكتساح القانون التجاري لقواعد القانون المدني، وتزايد زحف قواعد القانون الجنائي لمجالات جديدة وتقنية، لدرجة أن المشرع صار عليه أن يواكب ذلك بتعاربف تقنية في التمهيد بعد الديباجة عند سنه للقانون. ومن البديهي أن يكون تدويل القاعدة القانونية بمنظور أنكلوساكسوني في إطار التنافسية المعيارية هو عنوان هذ التحول المعولم.
لا شك أن الإطار المؤسساتي الدولي في إطار الأمم المتحدة ولجانها المتخصصة لن يقف مكتوف الأيدي، من خلال وضع الاتفاقيات الدولية لمحاربة الأموال غير النظيفة المتأتية من تجارة المخدرات والاتجار بالبشر والأنشطة الإجرامية، وأجرأتها في التشريعات وخطط العمل الوطنية. هذا مع تطوير التصور الدولي للمحاربة من خلال الجمع بين التصدي لغسيل الأموال وتجفيف منابع تمويل الإرهاب،نظرا للترابط بين عنصر الأموال النظيفة من جهة وتعبئتها في المخططات الإرهابية التي تتميز بالتكتم والسرية والتخفي من أجهزة الأمن واليقظة والرقابة والعدالة من جهة ثانية. وكل ذلك أدى إلى زعزعة ثوابت السياسة الجنائية، وضوابط التوفيق بين القانون الجنائي الموضوعي وقواعد المسطرة الجنائية الإجرائية من خلال التنصيص على مساطر جديدة :على سبيل المثال لا الحصر التصريح بالاشتباه وتلطيف السرية المصرفية، التنصت الهاتفي، وغيرها من الإجراءات القسرية التي منحت للضابطة القضائية والنيابة العامة وقضاء التحقيق وقضاء الحكم.
إن التصدي لغسل الأموال غير النظيفة وتجفيف تمويل منابع الإرهاب يقتضي جرأة وأهبة، لأن الأمر يتعلق بالمتنفذين من السياسيين ورجال الأعمال وأصحاب النفوذ الذين يصعب الإثبات في دهاليزهم المظلمة،ومن العسير تتبعهم أوتحريك المتابعة في حقهم بسبب نفوذهم السياسي والاقتصادي خصوصا مع تحول الدولة الأمة من مفهوم الدركي إلى مفهوم الدولة العاهرة أو دولة الإغراء État de séduction حيت التنافس على جذب الإقليم الترابي لهذه الدولة أوتلك على الرساميل والاستثمارات، أو قل مع الجنات الضريبية أو مناطق الجذب الاقتصادي العالمي التي تتخذها الشركات والتجار مقرات لها أو مناطق تسجيل سفنها أو طائراتها أو أملاكها أو حساباتها البنكية أو أماكن مختارة لتأميناتها ومعاملاتها التجارية المتحررة من كل قيود شكلانية، لوجود أنظمة مفتوحة تستند على قانون التجار العرفي l’ex mercatoria الذي نشا بمنأى عن النظام القانوني لهذه الدولة أو تلك ، والذي يعضده قانون الإرادة المختار ومراكز التحكيم الدولية. هذا في إطار التجارة الإلكترونية التي انفكت من إسار الزمان والمكان، ولهت الجمركي وراء تهافت التجارة والاتصال في البيئة الرقمية.
لا عجب إن رأينا السيد وزير العدل يقوم بزيارات وأيام عمل وندوات في بعض نقابات المحامين أو تنظيمات الموثقين لتحسيسهم بالانخراط في محاربة غسل الأموال القذرة عبر التبليغ عن الأشخاص أو الأموال المشبوهة، بعد أن نبهت مجموعة العمل الدوليةبأن المحاربة لا يجب أن تقتصر على الأبناك، بل يجب أن تشمل وتمتد إلى المهنيين من عدول وموثقين ومحامين يقومون بتحرير العقود والتصرفات والمعاملات المالية.
طبعا هناك إشكال يتمثل في ارتباط هذا التبليغ بتنازع المصالح مع أتعابهم ومداخيلهم الاقتصادية، ومدى التخوف من فقدان مداخيلهم مع فقدان الزبناء الثقة في المهنيين للخوف من التبليغ أو التصريح بالاشتباه.
يقولون بأن غسل الأموال بمثابة الأيدز للاقتصاد، لنتائجه الوخيمة على ارتفاع الأسعار، ولكون الترقيد يقوي منابع تمويل الإرهاب.
لكن مع ذلك يبقى من الضروري التوفيق بين حقوق الدفاع والحق في الحياة الخاصة كوجه لحقوق الإنسان مع حق الدولة في العقاب، وهذا مايقتضي تظافر الجهود لبلورة حلول دولية مع تنزيلاتها الوطنية والتنظيمية وغير الدولانية في ظل تشابك وتعقد عناصر إشكال الأموال غبر النظيفة.
ويشار الى أن الأستاذ عبد الله الكرجي المستشار بمحكمة الاستئناف بالرباط المختص في قضايا الارهاب وجرائم الأموال وقضايا الجنايات وقضايا العقار، الحاصل على الإجازة في القانون العام و دبلوم الدراسات المعمقة في قانون المقاولات من كلية العلوم القانونية والاقتصادية من جامعة محمد الخامس بالسويسي، ويعتبر رمز النزاهة والمصداقية و الشرف و التضحية في سبيل مهنة القضاء الشريفة…وهو واحد من أشهر القضاة الفقهاء الدين تفتخر بهم العدالة بالمملكة المغربية ،وواحد من أكبر المدافعين عن استقلالية القضاء وواجب القضاة كحق وطني ودستوري، له مواقف نضالية جريئة ورصينة في عدة محطات تاريخية، وهو عضو مؤسس لنادي قضاة المغرب ، رسخ سجلا حافلا بالعطاءات والإنجازات العلمية العظيمة -وهو من أبرز فقهاء القانون المغربي، حيث شكلت كتاباته وحواراته بمختلف المجلات القانونية والمنابر الاعلامية مرجعا لكل الباحثين و المتخصصين في الميدان القانوني.ويعد الأستاد الكرجي حسب معارفه وزملائه الأب الروحي و التاريخي للعديد من النصوص التشريعية والاجتهادات القضائية في القانون المغربي .كما سبق له أن تقلد عددا من مناصب المسؤولية في مختلف المحاكم المغربية أهمها نائبا لرئيس المحكمة الابتدائية للروماني ، وقاضي بالمحكمة الابتدائية للحسيمة وعضو النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بطنجة، وأستاد زائر لمادة القانون المدني في الكلية المتعددة التخصصات بالناظور.
وسبق للأستاد الكرجي أن أغنى المكتبة القانونية المغربية في مواضيع راهنة مختلفة بعدة اصدارات أهمها، مؤلف بعنوان”مكافحة غسل الأموال في القانون المغربي والمقارن”من تقديم المرحوم عبد المجيد غميجة مدير ديوان وزير العدل ومدير التحديث والتعاون بوزارة العدل.وله إصدارات أخرى يتناول فيها بالدرس والتحليل موضوع الإثبات الرقمي والتعاقد الرقمي
We Love Cricket