
اليقين/ نجوى القاسمي
بينما تنشغل الحكومة والمعارضة معا بحسابات الحملات التواصلية والتموقع الانتخابي المبكر، تترك أسر كاملة في فاس لمصيرها المعلّق بين الخوف والانتظار، دون أي برنامج استعجالي حقيقي يعيد لها حقها في السكن الآمن. لا أغلبية تحكم بمنطق المسؤولية، ولا معارضة تضغط بالقدر المطلوب، فيما تتحول مأساة المنازل الآيلة للسقوط إلى مجرد مادة عابرة في خطابات موسمية.
في حي المسيرة، كما في أحياء أخرى، ما تزال عشرات الأسر مشتتة بين بيوت الأقارب أو غرف فنادق، في حلول مؤقتة تفتقد لأي أفق واضح، وتكرّس الهشاشة بدل معالجتها. واقع عاينه ميدانياً موقع اليقين، حيث عبّر السكان عن شعورهم بأنهم خارج أجندات القرار، وأن معاناتهم لا تحظى بالأولوية أمام سباق الصورة والشعار.

إن ما يجري اليوم لا يعكس فقط فشلا في التدبير، بل يكشف فراغا سياسيامقلقا لا رؤية، لا برنامج استعجالي، ولا إحساس حقيقي بأن السكن الآمن حق غير قابل للتأجيل. وبين حكومة تبرر، ومعارضة تكتفي بالتعليق، يبقى المواطن وحده يدفع ثمن الصمت والتأخير، في انتظار حلول قد لا تأتي إلا مع موسم انتخابي جديد.
قال علي لقصب، عضو فريق حزب التقدم والاشتراكية بمقاطعة جنان الورد، إن الإشكال المرتبط بالمنازل الآيلة للسقوط بمدينة فاس يطرح اليوم بمستويات متعددة، ويكشف عن اختلالات بنيوية عميقة في تدبير العمران والسكن.
وأوضح لقصب، في تصريح لموقع اليقين ، أن المستوى الأول يرتبط بالدور العائلية القديمة، التي شُيّدت في فترات سابقة وكانت مخصصة لسكن أسرة واحدة، قبل أن تتحول اليوم، بفعل الضغط الاجتماعي وتوارث الملكية، إلى مساكن متعددة الأسر، ما أفقدها توازنها البنيوي وجعلها عرضة للانهيار.
أما المستوى الثاني، يضيف المتحدث، فيتعلق بالبناء العشوائي غير الخاضع لأي ضوابط قانونية أو معايير عمرانية، والذي انتشر بشكل مقلق داخل عدد من الأحياء الشعبية وهوامش المدينة، محولا هذه المناطق إلى ما يشبه قنابل موقوتة تهدد الحق في الأمن والسلامة الجسدية للمواطنين.
وأشار عضو فريق التقدم والاشتراكية إلى أن مدينة فاس عرفت، في مرحلة معينة، فورة ديمغرافية متسارعة، غير أنها لم تكن مؤطرة بما يكفي من الضوابط القانونية والعمرانية التي تضمن بناء سليما يحفظ كرامة الساكنة، ويصون حقها الأساسي في السكن الآمن.
وأكد لقصب أن ما وقع ليس حالة معزولة، بل نموذج واحد من بين مئات المنازل المصنفة آيلة للسقوط، بدرجات متفاوتة، من الدرجة الأولى إلى الثالثة، ما يستدعي، حسب قوله، جوابا حكوميا واضحا ومسؤولا، يقوم على إقرار برنامج وطني استعجالي، مخصص لمعالجة هذا الملف بمدينة فاس، باعتبار خصوصيتها العمرانية والتاريخية.
وشدد المتحدث على أن هذا البرنامج يجب أن يشمل عددا من المقاطعات المتضررة، من بينها جنان الورد، والزوايـة، والمريـنيين، وأن لا يظل حبيس المقاربات الظرفية أو الحلول الترقيعية، مؤكدا أن الأمر لا يتعلق بـترف عمراني ، بل بحق أساسي في الأمن والسلامة والعيش الكريم.
We Love Cricket




