
اليقين/ نجوى القاسمي
كشفت رئاسة النيابة العامة، في معطيات رسمية حديثة، عن نتائج لافتة في مجال حماية الحق في التعليم، بعدما تم خلال الموسم الدراسي 2023-2024 إعادة إدماج 71.662 تلميذة وتلميذا في مقاعد الدراسة، تشكل الإناث منهم نسبة 38 في المائة. وتندرج هذه الأرقام ضمن الجهود الوطنية الرامية إلى التصدي للهدر المدرسي وترسيخ الحق الدستوري للأطفال في التمدرس، انسجاما مع الفصل 45 من الدستور، الذي يعتبر التعليم الأساسي حقا مكفولا وواجبا مشتركا بين الأسرة والدولة، وكذا مع مقتضيات مدونة الأسرة ذات الصلة بحقوق الأطفال.
وأكد تقرير رئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة برسم سنة 2024 أن هذه النتائج لم تكن ظرفية، بل جاءت ثمرة تنسيق ميداني واسع، حيث عقدت النيابات العامة خلال السنة نفسها 184 اجتماعا مع المديريات الإقليمية للتربية والتعليم، في إطار تتبع وضعية الأطفال المنقطعين عن الدراسة، إلى جانب الإشراف على إنجاز 417 بحثا اجتماعيا من طرف مصالح الشرطة القضائية، بهدف تشخيص أسباب الانقطاع والوقوف على الظروف الاجتماعية والمعيشية للأطفال المعنيين.
وفي السياق ذاته، تابعت النيابات العامة 10.027 بحثا اجتماعيا أنجزها المساعدون الاجتماعيون التابعون لها، ضمن مقاربة وقائية تراعي الأبعاد الاجتماعية والتربوية، وتعكس تحولا في التعاطي مع قضايا الطفولة، من منطق الزجر إلى منطق الحماية والاستباق.
وأظهرت المعطيات الإحصائية لسنة 2024 تسجيل 36.501 إشعارا وتبليغا بخصوص حالات الهدر المدرسي، منها 22.863 حالة في صفوف الذكور و13.638 في صفوف الإناث. وقد جرى التعامل مع هذه الإشعارات بتنسيق مباشر مع المديريات الإقليمية للتعليم، من أجل اتخاذ التدابير الكفيلة بإعادة الأطفال إلى المسار الدراسي.
ولم تقتصر تدخلات النيابات العامة على الجانب التعليمي فقط، بل امتدت إلى ضمان الحق في الهوية، حيث تم خلال السنة نفسها تقديم 1.291 طلبا لتسجيل الأطفال الذكور و894 طلبا لتسجيل الإناث في سجلات الحالة المدنية، باعتبار أن غياب الهوية القانونية يشكل أحد العوائق الأساسية أمام التمدرس.
وفي هذا الإطار، ذكّر التقرير باتفاقية الشراكة والتعاون الموقعة بتاريخ 01 مارس 2021 بين رئاسة النيابة العامة و**وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي**، والتي تهدف إلى تفعيل إلزامية التعليم الأساسي والحد من الهدر المدرسي، في انسجام مع التزامات المملكة الواردة في إعلان مراكش 2020 المتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء.
ومنحت الاتفاقية للنيابات العامة صلاحيات رقابية وتنفيذية واسعة، تشمل تتبع أوضاع الأطفال غير المتمدرسين، وإجراء الأبحاث والتحريات للكشف عن أسباب الانقطاع، وتوعية الآباء وأولياء الأمور بخطورة حرمان أبنائهم من حقهم في التعليم، إلى جانب إدراج الهدر المدرسي ضمن برامج عمل اللجان الجهوية والمحلية المكلفة بقضايا النساء والأطفال.
وفي سياق متصل، نبهت المعطيات الرسمية إلى عودة ارتفاع طلبات الإذن بزواج القاصرات خلال سنة 2024، بعد تسجيل تراجع نسبي سنة 2023. فقد بلغ عدد الطلبات 16.960 طلبا، بزيادة قدرها 11 في المائة مقارنة بسنة 2023 التي سجلت 15.319 طلبا. وأكد التقرير أن النيابات العامة تقدمت بملتمسات ترمي إلى رفض غالبية هذه الطلبات، في إطار حرصها على حماية حقوق الأطفال والتصدي لكل ما من شأنه المساس بمصلحتهم الفضلى.
We Love Cricket




