تشديد غير مسبوق على مهن التوثيق والمحاماة سنة 2024: النيابة العامة تفعل الرقابة والعقوبات لحماية الأمن التعاقدي ( تقرير)

اليقين/ نجوى القاسمي
كشفت رئاسة النيابة العامة، في تقريرها السنوي برسم سنة 2024، عن منحى تصاعدي واضح في تشديد الرقابة على مهن التوثيق والمحاماة، من خلال تفعيل آليات المراقبة التنظيمية والتأديبية، واتخاذ عقوبات وقرارات صارمة في حق المخالفين، في إطار مقاربة تروم حماية حقوق المتعاملين وتعزيز الثقة في العدالة.
تشديد الرقابة على الموثقين وتزايد العقوبات التأديبية
وسجل التقرير صدور 20 عقوبة تأديبية في حق موثقين خلال سنة 2024، إلى جانب 5 قرارات بالإيقاف عن ممارسة المهنة، في سياق تفعيل الصلاحيات القانونية المخولة للنيابة العامة بموجب القانون المنظم لمهنة التوثيق، والرامية إلى ضمان سلامة المعاملات الموثقة وحماية الأمن التعاقدي.
وأوضح التقرير أن النيابة العامة باشرت خلال السنة نفسها 13.026 إجراءً تنظيميا مرتبطا بمواكبة وتتبع عمل الموثقين، مسجلة ارتفاعا بحوالي 5 في المائة مقارنة بسنة 2023، وهو ما يعكس تشديد وتيرة المراقبة واليقظة المؤسساتية.
421 عملية تفتيش وقرابة 6 آلاف شكاية
وفي الشق الرقابي، أنجزت النيابة العامة 421 عملية تفتيش لمكاتب التوثيق، شملت تفتيشات عادية وأخرى بناءً على شكايات، مقابل 414 عملية خلال السنة الماضية، ما يؤكد استمرارية المراقبة الميدانية.
كما توصلت النيابة العامة، بتنسيق مع الجهات المختصة، بـ 5.846 شكاية تتعلق بممارسة مهنة التوثيق، أغلبها واردة من صندوق الإيداع والتدبير، وأسفرت معالجتها عن فتح 71 متابعة تأديبية، بينها متابعات استندت إلى تقارير التفتيش.
إيقافات وعقوبات تصل إلى العزل النهائي
وسجل التقرير اطلع عليه موقع اليقين توجيه 82 استدعاء لموثقين خلال سنة 2024، مع اتخاذ 9 قرارات بالإيقاف المؤقت أثناء سريان المساطر التأديبية.
أما بخصوص طبيعة العقوبات، فقد توزعت بين الإنذار، التوبيخ، الإيقاف المؤقت، وصولا إلى 5 قرارات بالعزل النهائي، وهو ما يعكس، حسب التقرير، حرصاً على ترسيخ الانضباط المهني وعدم التساهل مع الإخلالات الجسيمة.
وأكدت رئاسة النيابة العامة أن المقاربة المعتمدة لا تقوم على الزجر فقط، بل تستهدف أيضاً تقويم الممارسة المهنية وتعزيز الثقة في التوثيق العصري.
مؤسسة النقيب ودور محوري في معالجة الشكايات
وبخصوص مهنة المحاماة، أبرز التقرير الدور المحوري الذي تضطلع به مؤسسة النقيب في معالجة الشكايات، سواء عبر قرارات الحفظ أو المتابعة التأديبية، مع احتفاظ النيابة العامة بحق دراسة هذه القرارات والطعن فيها عند الاقتضاء، خاصة في الحالات التي تمس بحقوق المتقاضين أو بسير العدالة.
خلال سنة 2024، أفرزت معالجة الشكايات المهنية من طرف نقباء هيئات المحامين حصيلة رقمية لافتة، حيث تم إصدار 123 قرار متابعة تأديبية، مقابل 984 قرار حفظ صريح و180 قرار حفظ ضمني، وهو ما يعكس الحجم الكبير للملفات المعروضة على الهيئات المهنية.
وفي المقابل، فعّلت رئاسة النيابة العامة صلاحياتها الرقابية، عبر الطعن في 223 قرار حفظ صريح و116 قرار حفظ ضمني، معتبرة أن جزءا منها لا يوازي خطورة الأفعال موضوع الشكايات، ولا ينسجم مع متطلبات حماية حقوق المتقاضين وحسن سير العدالة.
وعلى مستوى الرقابة القضائية، أظهرت معطيات التقرير أن غرف المشورة بمحاكم الاستئناف أصدرت خلال سنة 2024 ما مجموعه 386 قراراً بخصوص الطعون المقدمة من النيابة العامة، انتهى 152 قرارا منها بإلغاء قرارات الحفظ الصريح، و60 قراراً بإلغاء الحفظ الضمني، وهو ما يعكس الدور الحاسم لغرف المشورة في تصحيح مسار بعض القرارات المهنية وضمان عدم الإفلات من المساءلة التأديبية.
أما بخصوص المخرجات التأديبية النهائية، فقد بلغ عدد العقوبات الصادرة في حق المحامين خلال سنة 2024 66 عقوبة، توزعت بين الإنذار، التوبيخ، الإيقاف المؤقت، إضافة إلى 7 قرارات بالتشطيب من جدول الهيئة، بما يؤشر على تصاعد منسوب الحزم في مواجهة الإخلالات المهنية الجسيمة.
كما أصدرت غرف المشورة، بناء على طعون النيابة العامة، 203 عقوبات تأديبية إضافية، ما يعكس تشددا قضائيا متزايداً في مراقبة الأداء التأديبي للهيئات المهنية وترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وختمت رئاسة النيابة العامة تقريرها بالتأكيد على أن تدخلها في مجال التأديب لا يروم المساس باستقلالية مهنة المحاماة أو التوثيق، بقدر ما يندرج في إطار تكريس أخلاقيات المهنة، وحماية حقوق المتقاضين، وتعزيز الثقة في منظومة العدالة، مع اعتماد سياسة ترشيد الطعون، حيث اقتصر اللجوء إلى الطعن بالنقض على حالات محدودة مرتبطة بجدية المخالفات وخطورتها.
We Love Cricket




