آخر الأخبارمجتمع

خرجوج لليقين: روبوت المحادثة الإداري قد يهدد حقوق المواطنين إذا لم تحسم المسؤوليات

اليقين/ نجوى القاسمي

أثار إعلان الحكومة عن الاستعداد لإطلاق روبوت محادثة ذكي (Chatbot) لتوجيه المرتفقين في المساطر الإدارية، إلى جانب رقمنة أزيد من 35 ألف مقاولة، نقاشا واسعا في الأوساط التقنية والقانونية، بين من يرى فيه خطوة نوعية في مسار التحول الرقمي، ومن يدق ناقوس الحذر بشأن تداعياته على حقوق المواطنين.

وفي هذا السياق، عبر الخبير في الأمن المعلوماتي والهندسة الاجتماعية حسن خرجوج عن جملة من التخوفات المرتبطة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي في تقديم إرشادات إدارية ذات طابع قانوني، معتبرا أن المسألة لا تتعلق بتجربة تقنية عابرة، بل بحقوق مواطنين ومسؤوليات قانونية واضحة

وجاء هذا التصريح على خلفية ما أعلنته الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، يوم الاثنين 29 دجنبر 2025، خلال جلسة بمجلس النواب، حيث أفادت أنه تم إلى حدود اليوم إحداث أزيد من 35 ألف مقاولة بشكل رقمي، عبر المنصة الإلكترونية المخصصة لهذا الغرض.

وأضافت الوزيرة، في جوابها عن سؤال شفهي حول تسريع وتيرة رقمنة المساطر الإدارية، أن المرجع الوطني للخدمات العمومية الرقمية أصبح يضم أكثر من 600 خدمة رقمية موزعة على عدة مسارات، مشيرة إلى أن العمل متواصل، بتنسيق مع مختلف الشركاء، من أجل ملاءمة هذه الخدمات مع مقتضيات القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، والقانون رقم 05.20 المتعلق بالأمن السيبراني.

غير أن خرجوج، ورغم إشادته بخطوة رقمنة المقاولات واعتبارها إنجازا إيجابيا يحسب للوزارة توقف عند مشروع روبوت المحادثة الذكي المعلن عنه في إطار تطوير بوابة إدارتي محذرا من مخاطر ما يعرف بـهلوسة الذكاء الاصطناعي (AI Hallucinations).

وأوضح أن هذا النوع من الأنظمة قد يقدم إجابات تبدو دقيقة ومقنعة من حيث الصياغة، لكنها تكون خاطئة من الناحية القانونية أو الإجرائية، ما قد يؤدي إلى ضياع حقوق مواطنين بسبب معلومة غير صحيحة حول وثيقة أو أجل قانوني.

وتساءل الخبير عن الجهة التي ستتحمل المسؤولية القانونية في حال اعتماد مواطن على توجيه خاطئ صادر عن الروبوت، ترتب عنه تفويت أجل أو رفض ملف إداري، مبرزا أن الذكاء الاصطناعي لا يصحح المعطيات، بل يعالج فقط ما يُغذّى به كما أثار خرجوج إشكالية جودة وحداثة المعطيات التي سيعتمد عليها الروبوت، مشيرا إلى أن المساطر الإدارية في الواقع غالبا ما تكون متشعبة، وغير محينة باستمرار، وقد تختلف من إقليم إلى آخر أو حسب الجهة الإدارية المعنية. وهو ما قد يجعل إجابات الروبوت مضللة إذا تم تدريبه على بيانات قديمة أو غير دقيقة

ولم يغفل الخبير جانب الخصوصية وحماية المعطيات الشخصية، معتبرا أن تقديم إجابات دقيقة قد يتطلب من المرتفق الإدلاء بمعطيات حساسة، مثل رقم البطاقة الوطنية أو الحالة العائلية أو مكان السكن.

وتساءل في هذا الصدد عن كيفية تأمين هذه المحادثات، وما إذا كانت المعطيات ستُستعمل في إعادة تدريب النموذج، وما يطرحه ذلك من مخاوف مرتبطة بالسيادة الرقمية، خاصة في ظل الاعتماد على بنى تحتية خارجية لمعالجة وتخزين البيانات.

ومن بين الإشكالات التي طرحها أيضا مسألة المسؤولية القانونية للروبوت المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن للمواطن إثبات أنه تعرض لتوجيه خاطئ من النظام، في حال تعارضت إجابة الروبوت مع متطلبات الإدارة على أرض الواقع.

كما توقف عند التحدي اللغوي، متسائلا عن قدرة النموذج على فهم اللهجات المحلية المتنوعة، من الدارجة المغربية إلى الأمازيغية بمختلف فروعها، والحسانية، إضافة إلى اللغات الأجنبية المتداولة، وفهم السياق المحلي والمصطلحات الشعبية المرتبطة بالإجراءات الإدارية.

وختم خرجوج بالتأكيد على أن التحول الرقمي يظل خيارا استراتيجيا لا محيد عنه، لكنه شدد على ضرورة مواكبته بإطار قانوني وتقني صارم، يضمن دقة المعلومة، ويحمي المعطيات الشخصية، ويحدد بوضوح المسؤوليات، حتى لا يتحول الابتكار الرقمي إلى مصدر جديد لتعقيد علاقة المواطن بالإدارة بدل تسهيلها

We Love Cricket

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى